تتعدد أسباب التأتأة عند الأطفال بعد الكلام السوي، حيث تعد التأتأة من اضطرابات الكلام التي قد تظهر فجأة عند بعض الأطفال بعد أن يكونوا قد اكتسبوا الكلام بشكل طبيعي. ورغم التقدم العلمي الكبير، لا يوجد سبب واحد محدد للتأتأة، بل يُنظر إلى أسباب التلعثم في الكلام المفاجئ أنه نتيجة تداخل عدة عوامل وراثية وعصبية ونفسية، وبيئية.
تُصنف معظم الحالات على أنها مجهولة السبب، لكن الأبحاث الحديثة أظهرت لنا ملامح أوضح لهذه العوامل المحتملة وتأثيرها في ظهور التأتأة أو استمرارها. وفي السطور التالية، سنوضح هذه الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى ظهور التأتأة ومتى تكون التأتأة طبيعية، ومتى تختفي التأتأة عند الأطفال.
ما هي التأتأة عند الأطفال أو التلعثم؟
التأتأة أو التلعثم هي اضطراب في طلاقة الكلام يظهر على شكل تكرار أصوات أو مقاطع، أو إطالة في نطقها، مما يعيق التواصل الطبيعي للطفل.
قد يصاحبها حركات غير لفظية مثل رمش العين أو شد الوجه، ورغم أن الطفل يعرف ما يريد قوله فإنه يجد صعوبة في إخراج الكلمات بسلاسة، مما قد يؤثر على ثقته بنفسه.
الفرق بين التأتأة والتلعثم الطبيعي
تختلف التأتأة عن التلعثم النمائي الطبيعي الذي يصيب معظم الأطفال بين عمر 18 شهرًا و5 سنوات عند تعلم الكلام ويزول عادة خلال أشهر قليلة، بينما التأتأة الحقيقية تصيب حوالي 1% فقط من الأطفال، غالبًا بين عمر سنتين وأربع سنوات، وتكون أكثر شيوعًا عند الذكور، وإذا لم تُعالج مبكرًا فقد تستمر حتى مرحلة البلوغ.
ما هي أسباب التأتأة عند الأطفال بعد الكلام السوي؟
من العوامل التي قد تؤدي إلى ظهور التأتأة عند الأطفال بعد الكلام السوي ما يلي:
العوامل الوراثية
تشير الدراسات إلى أن العوامل الوراثية تلعب دورًا مهمًا في ظهور التأتأة:
- يزداد احتمال الإصابة عند وجود تاريخ عائلي للتأتأة.
- يعد التوائم المتطابقة أكثر عرضة للتشابه في نمط التأتأة مقارنة بالتوائم غير المتطابقة.
- تشير الإحصاءات إلى أن الذكور أكثر عرضة للتأتأة من الإناث، رغم أن السبب غير واضح.
ومع ذلك، لم يُكتشف بعد “جين التأتأة”، لكن يُعتقد أن بعض الجينات قد تؤثر في المسارات العصبية المسؤولة عن إنتاج الكلام والتحكم الحركي.
العوامل العصبية
حددت الدراسات العصبية أن هناك اختلافات في بنية الدماغ ووظائفه بين الأطفال الذين يتلعثمون. فقد لوحظ زيادة النشاط في النصف الأيمن للدماغ مقارنة بالأيسر، الذي يرتبط عادة بالوظائف اللغوية.
العوامل البيئية
يمكن أيضًا أن تكون العوامل البيئية من أسباب التأتأة عند الأطفال بعد الكلام السوي، ومنها ما يلي:
- الضغوط الأسرية أو التفاعلات الاجتماعية السلبية.
- التوقعات العالية من الأهل والمعلمين.
قد يُساعد توفير بيئة مُحبة وداعمة على تقليل الأعراض وتعزيز ثقته بنفسه.
مهارات الكلام الحركية
يتطلب إنتاج الكلام تنسيقًا دقيقًا بين مجموعات عضلية مُختلفة. فقد يظهر لدى بعض الأطفال ما يلي:
- صعوبات في التخطيط الحركي أو تنفيذ الحركات النطقية.
- تكرار الأصوات أو التوقف أثناء الكلام نتيجة اضطراب في التحكم الحركي.
يمكن أن تُساعد تقنيات علاج النطق التي تُركز على التحكم الحركي والتنسيق في تحسين طلاقة الكلام ونطقه.
الأمراض المصاحبة
تشير الأبحاث إلى أن نسبة كبيرة من الأطفال الذين يتلعثمون يعانون من اضطراب آخر واحد على الأقل. وقد تشمل الأمراض المصاحبة الأخرى ما يلي:
- اضطرابات النطق أو الصوت.
- اضطرابات اللغة التعبيرية و/أو الاستقبالية.
- صعوبات التعلم.
- اضطرابات القراءة والكتابة.
- التوحد واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD).
- اضطرابات القلق، التي قد تكون سببًا أو نتيجة للتأتأة.
ما هي أعراض التأتأة عند الأطفال؟
وبعد التعرف على أسباب التأتأة عند الأطفال بعد الكلام السوي، حان الآن الوقت للتعرف على أعراض التأتأة التي يمكن ملاحظتها.
قد يُظهر الطفل بعض أعراض التأتأة المفاجئة عند الأطفال التي تُعدّ جزءًا من نموه اللغوي والكلامي الطبيعي. إذا استمرت الأعراض من 3 إلى 6 أشهر، فقد يُعاني من تلعثم نمائي يحتاج إلى متابعة.
والجدير بالذكر أن شدة الأعراض قد تختلف من وقت لآخر، كما قد تزداد في مواقف معينة. وقد تشمل أعراض طفلك ما يلي:
- تكرار الأصوات أو المقاطع أو الكلمات، على سبيل المثال، “و-و-وين”.
- إطالة الأصوات، على سبيل المثال، سسسلم.
- استخدام ألفاظ تعجب أو حشو مثل “همم” أو “يعني” لتعويض التوقف.
- التحدث ببطء أو كثرة التوقفات أثناء الكلام.
- توقف الكلام أو حجبه، حيث يكون الفم مستعدًا للنطق لكن لا يخرج صوت.
- ضيق في التنفس أو توتر عضلي أثناء التحدث.
- حركات جسدية مصاحبة، مثل رمش العين بسرعة أو رجفة الشفاة، أو شد الوجه.
- زيادة التأتأة عند التعب أو الإثارة، أو التوتر النفسي.
- الخوف من الكلام في بعض المواقف الاجتماعية.
قد تتشابه أعراض التأتأة مع أعراض الحالات الصحية الأخرى. لذلك، يُنصح بمراجعة الطبيب؛ لتشخيص الحالة وتحديد أفضل سبل التدخل المبكر.
ما هي أنواع التأتأة عند الأطفال؟
-
التأتأة التنموية: الأكثر شيوعًا، تحدث للأطفال بين عمر 2-5 سنوات أثناء تعلم الكلام، وغالبًا تختفي مع التقدم في العمر.
-
التأتأة العصبية: تنتج عن خلل في التواصل بين الدماغ والعضلات المسؤولة عن الكلام، وقد تظهر بعد إصابات الدماغ.
-
التأتأة النفسية المنشأ: نادرة، وتظهر نتيجة ضغوط أو صدمات نفسية أو اضطرابات عقلية.
أنواع التأتأة وفقًا لشكل التلعثم
-
التكرار: تكرار صوت أو كلمة أو عبارة كاملة.
-
الإطالة: مد الصوت لفترة طويلة أثناء النطق.
-
التوقف في منتصف الكلام: عجز مؤقت عن إخراج الكلمة فيبدو الطفل وكأنه يبحث عن الصوت المناسب.
ما هي مضاعفات التأتأة عند الأطفال؟
قد ترتبط أسباب التأتأة عند الأطفال بعد الكلام السوي بعدد من العوامل النفسية واللغوية التي قد تؤدي مع الوقت إلى مضاعفات مختلفة إذا لم يتم التعامل معها مبكرًا. وقد تشمل المضاعفات ما يلي:
- قلة المشاركة في بعض الأنشطة نتيجة الخوف من التحدث أمام الآخرين.
- انخفاض تقدير الذات.
- ضعف الأداء الدراسي.
- مشاكل اجتماعية، مثل العزلة وصعوبة تكوين صداقات، أو التعرض للتنمر.
علاج التأتأة عند الأطفال
الخطوة الأهم في علاج التأتأة لدى الأطفال هي استشارة اختصاصي النطق والتخاطب، لتحديد ما إذا كان التلعثم مجرد مرحلة طبيعية مؤقتة، أم أنه يحتاج إلى تدخل علاجي مبكر لتجنب استمراره مع الطفل في المستقبل.
في بعض الحالات يزول التلعثم تلقائيًا، مثل التأتأة التنموية أو التلعثم الناتج عن صدمة نفسية، لكن بشكل عام تختلف طرق العلاج بحسب عمر الطفل وتشمل:
-
العلاج غير المباشر: يوجه فيه الاختصاصي الأهل لتغيير أسلوب تواصلهم مع الطفل وتبني طرق تفاعلية تساعده على التحدث بثقة أكبر وتقليل التلعثم، وتُستخدم هذه الطريقة غالبًا مع الأطفال الأصغر سنًا.
-
العلاج المباشر: يتم فيه العمل مع الطفل نفسه، إما بشكل فردي أو ضمن مجموعات صغيرة، من خلال وضع استراتيجيات عملية مثل إبطاء وتيرة الكلام، أو استخدام تمارين التنفس أثناء النطق، إضافة إلى مساعدته على التمييز بين الكلام السليم والتأتأة.
تعرف على: علاج التأتأة عند الأطفال عمر ثلاث سنوات
متى يجب استشارة الطبيب؟
على الرغم من أن أسباب التأتأة عند الأطفال بعد الكلام السوي قد تعود إلى عوامل نمائية أو نفسية طبيعية، فإن استمرار الأعراض أو تزايدها يستدعي التدخل المبكر؛ لتجنب المضاعفات. يجب استشارة الطبيب في الحالات التالية:
- استمرت التأتأة أكثر من 6 أشهر دون تحسن.
- أصبح الطفل يخاف من الكلام.
- لا يتحدث إطلاقًا.
- يواجه مشاكل في المدرسة.
- كان هناك تاريخ عائلي للتأتأة المستمرة.
- ظهرت حركات جسدية مصاحبة، مثل رمش العين وارتعاش الشفاه.
- لاحظ الأهل أن التأتأة تزداد في مواقف معينة، مثل التوتر أو التعب.
- ترافقت الأعراض مع اضطرابات لغوية أو صوتية أخرى.
الأسئلة الشائعة
-
متى تكون التأتأة طبيعية؟
قد تكون التأتأة طبيعية عندما تظهر بشكل مؤقت عند الأطفال بين عمر 2-5 سنوات، وهي فترة يتطور فيها الكلام بسرعة. غالبًا تكون مرتبطة بمحاولة الطفل استخدام كلمات وجمل أعقد من قدراته. وفي هذه الحالة، تكون التأتأة خفيفة وتختفي تدريجيًا من تلقاء نفسها.
-
متى تختفي التأتأة عند الأطفال؟
عادة، ما تختفي التأتأة الطبيعية خلال 3 إلى 6 أشهر من ظهورها. وفي بعض الحالات، قد تستمر فترة أطول قليلًا، لكنها تتراجع تدريجيًا مع نمو القدرات اللغوية. إذا استمرت بعد هذه المدة أو ازدادت شدتها، يُفضل استشارة أخصائي التخاطب.
-
متى تكون التأتأة خطيرة؟
تصبح التأتأة خطيرة إذا استمرت لأكثر من 6 أشهر دون تحسن، وأثرت على ثقة الطفل بنفسه أو جعلته يتجنب الكلام. أو إذا رافقتها حركات جسدية غير طبيعية، مثل رمش العين أو ارتعاش الشفاه.
-
هل الخوف يؤدي إلى التأتأة عند الأطفال؟
لا يُسبب الخوف أو القلق التأتأة بشكل مباشر، لكنه قد يزيد من شدتها أو يجعلها أكثر وضوحًا. قد يظهر على الأطفال الذين لديهم استعداد التأتأة التلعثم بشكل أكبر في مواقف التوتر، مثل التحدث أمام الغرباء أو في الفصل.
ما هو عنوان عيادات داون تاون أفضل عيادة لعلاج التأتأة عند الأطفال؟
تقع عيادات داون تاون في العناوين التالية:
- فرع جدة: (2841 طريق الكورنيش، حي الشاطئ، جدة المملكة العربية السعودية)
طفلك يستحق أن يتكلم بثقة…ونحن هنا بمساعدته. احجز الآن موعدك مع عيادات داون تاون ودعنا نرافق صغيرك في رحلة الطلاقة.
المصادر
